البحث عن ضريح عليّ

7/11/20231 min read

البحث عن ضريح عليّ

هل أوفيت عليا حقه؟

لا أعتقد ذلك.

عليّ أن أجد ضريحه.

لا يجوز لنا أن نهمل تاريخنا. أو نهضم حق أبطالنا. من ليس له تاريخ، فلا مستقبل له...

أعرف أن ضريحه قي مدينة البسيط، في المقبرة العسكرية. وأعرف تاريخ وفاته...

تقع مدينة البسيط في وسط شبه الجزيرة الايبيرية. مئتي كيلومتر حنوب شرق مدريد. أربعمائة كيلو متر غرب برشلونة. وأنا في بيت ريفي على شواطئ الأندلس بعيد عن البسيط خمسمائة كيلو متر. البسيط مدينة صناعية. قليلا ما يؤمها السواح. لا تحمل، كباقي المدن الإسبانية معالم تارخية أو شواهد عظيمة من أيام العرب. لإسبانيا خصوصية في تاريخنا العربي: قصر الحمراء، المسجد الكبير، إبن رشد، إبن زيدون وأشياء أخرى كثيرة... تجعلنا نتذكر أشياء تأتي من غابر الأزمان. لعلها الأشياء التي أخذوها من العرب أيام زمان مجدهم في الأندلس، أيام كانت غرناطة وإشبيلية وقرطبة منارات علم وحضارة...

تواعدت مع صديقي الفلسطيني الدكتور إبراهيم، ابن المدينة، ليكون لي مرشدا وعونا... دخلنا مقبرة رحبة جدا، ربما بضع هكتارات. وهي لا تزال فاعلة، تستقبل الموتى وزوارهم كل يوم. سألنا المسؤول عن مكان ضريح علي، "متطوع عربي فلسطيني سقط في الحرب الأهلية سنة 1938"؟ نظر إلينا بدهشة واستغراب. قال: أتبحثون عن قبر كان قبل ثمانين عام؟ زمن الحرب والخوف والفوضى والهجيج الكبير؟ أيام كان الموت يأتي من اليمين ومن اليسار والأرض شرهة تبتلع في النهار وفي الليل، العشرات وأحيانا مئآت القتلى؟ ثم ان قتيلكم من الفرقة الخاسرة! تبدلت الأحوال. والمنتصر يعدو على جواده الجامح يجر خلفه أجساد المهزومين! اتعاطف مع مشاعركم. لكنكم تبحثون عن الندى في السراب...

قدمت له خطاب البسيونيرة، باللغة الإسبانية، وأشرت إلى كلماتها: [جميع المتطوعين الأجانب كانوا على قناعات عميقة بالحرية والعدالة. جميعهم جاءوا وأخلصوا لقضيتنا، بلا شروط. أعطونا كل شيء: فتوتهم وشبابهم، حكمتهم وتجربتهم، أعطونا أملهم وطموحاتهم، دماءهم وحياتهم... ولم يطلبوا مقابل ذلك شيئا. فقط... "شرف الإنتساب إلى صفوف المناضلين". لكثير منهم، لعشرة آلاف منهم، أرض إسبانيا أصبحت مثواهم الأخير وستظل تحتضنهم إلى الأبد. أسماءهم، أفعالهم، ذكراهم تستقر في قلوب الإسبان. يتناقلونها جيل عن جيل. حزن عميق على كل الذين سيبقون في تراب إسبانيا إلى الأبد، عميقا في الأرض، عميقا في القلب. لهم دموعنا الندية وشكرنا العميق.

شعب إسبانيا يهتف بصوت واحد: "يعيش أبطال الكتيبة الأممية""].

لا شك أن كلمات البسيونيرة فعلت فعلها القوي على الرجل. احمر وجهه بين حزن وخجل، جحظت عيناه. قال "في الزاوية الشرقية/ الجنوبية. هناك قبور الأجانب... لا تبحثوا عن إشارة أو علامة، ولا عن أسماء، فما من قبر يحمل اسم ساكنه. جاءوا بهم كالأغمار. وفي عتمة الليل دفنوهم..

بحثت عن ضريح لا يحمل صليبا. هناك الكثير... بحثت عن قبر مسلم يستقبل الكعبة. فكل قبر، على عادة أهل البلاد، يستقبل ما تيسر من الجهات الأربع... وهناك الكثير من القبور في خزائن محفورة في جدار من خمس "طوابق". بعضها عليه رسوم ونقوش وبعضها مهمل لا يحمل إسما ولا علامة.

أين أنت يا علي!

أخطو بين القبور وقد أبهظ الحزن شرودي، وفي خطايا حيرة الغريب والتياع اليتيم.

أين أنت يا علي!

على حد الشفرات تنزلق تساؤلاتي وعلى حدها تسيل لوعتي المذبوحة.

تذكرت حيرة الأعمى، رهين المحبسين: "لُبْتُ حول الماء من ظمأ إن غربي ما له مَرَس".

أتسربل بالحزن ويلفني إصرار عنيد.

لن أعود إلى القدس دون أن أضع على ضريحك، يا ظلي الذي انفصل عني، قبلة وفلة...

رجعت، أحمل الخيبة والأسى، إلى حفار القبور أو حارسها. قلت له: جئت من القدس البعيدة أبحث عن جذوري. فلا يعقل أن دولة متحضرة يضيع فيها ضريح علي؟ يجب أن يكون، في مكان ما، من يرشدني إلى الضريح. هز الرأس وقال: نعم. أفهم ذلك. ففي بلادك يقدسون القبور، ولا عجب أن في القدس "القبر المقدس"... أنا موظف حديث العهد هنا. إذهب إلى أمانة العاصمة وقل لهم ما قلته لي. هم أصحاب الشأن والمخولون في الأمر.

سألت صديقي إبراهيم: هل أمانة العاصمة هيئة منتخبة أم معينة من قبل السلطات؟

  • هيئة منتخبة.

  • إذاَ يوجد منتخبون شيوعيون أو من اليسار. هم أصحاب الشأن وأهل القضية.

  • نعم يوجد شيوعية، وتربطني بها معرفة جيدة.

  • هيا. هيا إليها.

إتصل معها.

في صباح الغد كنا في مكتبها. هذه فرصتي الأخيرة، وقد تكون الورقة الرابحة. وضعت خطاب البسيونيرة على طاولتها. واقفا أمامها "ارتجل خطابا حماسيا" مطولا، وهي تنظر إليّ حينا بدهشة وأحيانا في حياء ولسان حالها يسأل عن سبب "هبليي" واهتياجي... فهي لا تفقه كلمة من لغتي العربية. وأنا أعي ذلك. لكن الموقف يتطلب درامية مسرحية. صديقي إبراهيم ترجم لها ملخص كلامي. تأكدت منه أنه ترجم قولي "بيدي فاتورة، التزام البسيونيرة. ادفعوا لي مستحقاتي. أريد معرفة ضريح علي".

ثلاثتنا، صعدنا من الطابق الأول إلى الخامس. هناك الأرشيف. على شاشة الحاسوب أسماء عديدة. كل إسم يملأ سطرا واحدا. من بينها سطر جاء فيه: "علي عبد القادر. فلسطيني الجنسية. دفن يوم الأول من أبريل سنة 1938"... فقط شاعر عظيم يستطيع وصف مشاعري وأنا أقرأ الاسم والجنسية الفلسطينية! أرتجف من ذل العاطفة وشدة العاصفة. تنتابني قشعريرة وزهو بجذوري. هل دمعت العيون أم هيجاني غطاها؟ قبلت الموظفة. قبلت الرفيقة واحتضنت صديقي إبراهيم. ولم يقبلني أحد...

طلبت من الموظفة أن تطبع لي ما يظهر على شاشة الحاسوب.

  • مجنون! ألا يوجد، في بلادكم حرمة للميت؟ في الصفحة عشر أسماء. لهم خصوصيتهم.

  • إذا اطبعي لي سطرا واحدا. سطر علي.

  • تقنيا، هذا غير ممكن.

  • لا يعقل أن في هذه المؤسسة الضخمة، ذات الطوابق العديدة، لا يوجد تقني يتعامل مع مشكلتي الصغيرة!

  • (تدخلت الرفيقة، وقالت) استدع تقني الإسناد.

وهكذا، حصلت على شهادة دفن علي. مستند رسمي موقع من أمانة العاصمة. فيه، إضافة للمعلومات السابقة "التحديد الجغرافي الدقيق جدا لمكان الضريح. وكان له من العمر 37 سنة". عملية حسابية صغيرة، قادتني إلى معرفة تاريخ ميلاده، عام 1901. إذاً، هو أكبر من رفاقه، نجاتي صدقي (1905-1979)، محمود المغربي (1903-1970)، رضوان الحلو (1909 -1975).

شكرت الحضور وانطلقت مع صديقي إبراهيم مرة أخري نحو المقبرة.

قادنا الحارس إلى القبر المحدد. حقا كان قبره في الجهة الشرقية/جنوبية، كما قال سابقا... بقعة أرض حقيرة، جرداء، ربما مساحتها ثلاثون مترا مربعا. انتظم فيها صفان من حفر هابطة قليلا. قال: هنا يرقد ثلاثون محاربا أجنبي. هبطت بيوتهم قليلا، بفعل الزمن وتعاقب الفصول... صاحبكم، كما هو مدون في هذه الورقة، في الصف الأول. ضريح رقم سبعة، وراح يخطو فوق الحفر: واحد. اثنان، ثلاثة، أربعة، خمسة، ستة، سبعة. خبط في حذائه وسط الحفرة. هذا هو".

رحماك يا ربي! كيف تحول الاسم إلى رقم؟

نظرت إلى حفرة هبطت شبرا واحدا. طولها لا يزيد عن المتر. يعلوها هشيم جاف! حفرة كان إسمها ضريح! أصبح الضريح مدثورا. فلا اسم ولا رسم ولا شاهد ولا شاخص ولا كلمة عربية أو أجنبية، تشير إلى عنوان قاطن الدار!

حزنت لذكراه المجيدة وحالنا الخائبة...

أهذا بيتك يا علي؟

لا استصغر البيت بقدر ما استصغر حالنا.

وطافت مخيلتي بين المنشأ والمآل. بين "الجييب" و "جبال القدس" و"القشلة" حتى استقرت في "الحفرة".

أهذا لحد من كان يملأ الدنيا ضجيجا ونضال؟

"علي مديد القامة عريض المنكبين، زنده قوي وكفاه سميكتان، فيه سمرة داكنة، أسود الشعر كثيفه، غليظ الحاجبان، أهدابه طويلة سوداء معقوفة. متحمس جدا. كله شهوة وفرح وشباب وشعلة نضال ملتهبة. بشوش يحب الطرب والفرح. إذا لاقيته صادفت نشيدا حماسيا يخرج من حنجرة ثوري. خطيب مقنع. خرج من رحم معاناة الشعب الفلسطيني ومتغلغل في نضاله. فيه هيبة ووقار ونغاشة خاصة في شخصيته. يمتلك خبرة عسكرية عظيمة. محارب جسور. صاحب معرفة سياسية عميقة وثقافة واسعة. واسعة، كما يليق بالقائد"...

مر بي أبو العتاهية، يسأل مثلي "ساكني الأجداث أنتم/ ليت شعري ما صنعتم/ أربحتم أم خسرتم؟

فاضت دموعي يمتزج فيها الحزن بفرح اللقيا...

وضعت حجرا، حيث يفترض أن تكون الهامة. وآخر، أصغر، عند القدمين. كتبت على ورقة صغيرة: "علي عبد الخالق. فلسطيني من قرية الجييب. سقط دفاعا عن مدريد وشرف الإنسانية يوم 17/03/1938". وضعت الورقة على الضريح، فوقها فلة وقبلة ودمعة كقطر الندى تبلل ذكراه.

افترقنا، بعد أن تواعدنا، على لقاء آخر...

وسؤال يؤرقني: لماذا أضعناهم في غياهب الإهمال وكيف تركناهم على شواطئ النسيان؟

بعدها، شاهدت، في مدينة برشلونة، النصب التذكاري لليهود "الاسرائيليين"... لهم الذكرى والذاكرة والنصب العظيمة ونصيب أبطالنا الإهمال والنسيان!!!

كانت مقاربة جارحة!!!

حزنت كثيرا.

علي، الطفل اليتيم والشاب الوسيم، مات... ذكراه، أمجاده لن تموت ما دام في الأرض ظلم وعشاق للحرية ورواة يسقون الذاكرة...

أعود إليه اليوم وفي نيتي أن أقيم له نصب تذكاري في الأرض التي سقط عليها والبلاد التي أعطى حياته من أجل حريتها. يرافقني، في مشروعي مؤسسات رسمية وأخرى وطنية وشخصيات اعتبارية.


أريد، أن يكون معلوما للجميع، بأنه لا يوجد أبطال مجهولين. ليعلم الجميع أن كل هؤلاء الأبطال كانوا بشرا، لهم أسماءهم لهم شخصياتهم الخاصة. ولهم شهواتهم وأمانيهم. أريد أن يبقوا، جميعهم، قريبين منكم، مثلكم بالضبط.

****

خطاب البسيونيرة*

(في حفل وداع الجنود المتطوعين- في مدينة برشلونة- 29 أكتوبر 1938)

يصعب جدا على الكلمات القليلة أن تودع أبطال الكتيبة الأممية. أبطال حقيقيين بقواهم الذاتية، هم أبطال بمبا


دئهم السامية. وما يمثلون من رموز الشرف والتضحية.

شعور بالأسى، حزن بلا نهاية يخنقنا ويسد حناجرنا. أسف شديد على كل هؤلاء الذين يغادروننا اليوم. أسف على جنود العقيدة السامية، منقذي البشرية، المهجرين من أوطانهم، المدانين من قبل كل طغاة العالم ومن حكام بلادهم القساة. حزن عميق على كل الذين سيبقون في تراب إسبانيا إلى الأبد، عميقا في الأرض، عميقا في القلب. لهم دموعنا الندية وشكرنا العميق.

جئتم إلينا من كل الشعوب، من كل الأعراق. جئتم إلينا كإخوة، كأبناء إسبانيا، إسبانيا الخالدة. [...]وفي أيام الحرب القاسية جدا، عندما تعرضت عاصمة الجمهورية الإسبانية للخطر، أنتم! الرفاق الشجعان، أفراد الكتيبة الأممية، كنتم من ساعد وأنقذ المدينة: بحماس المحارب، ببطولتكم وباستعدادكم للتضحية.

حرمة ووادي الخرا، برونطة وبرشلونة، لبنات وإبرو: ستظل تغني لكم نشيد البطولة والفداء، التضحية والشجاعة، الانضباط والطاعة. تلك كانت صفات محاربي الكتيبة الأممية.

تلك ظاهرة جديدة في تاريخ نضال الشعوب، ظاهرة تنعش القلوب بعظمتها- خلق الكتائب الأممية، كسند لانقاذ حرية واستقلال إسبانيا حبيبتنا.

شيوعيون، اشتراكيون، فوضويون، جمهوريون- أصحاب وجهات نظر متباينة وديانات مختلفة، رغم ذلك فجميعهم على قناعات عميقة بالحرية وبالعدالة. جميعهم جاءوا وأخلصوا لقضيتنا بلا شروط. أعطونا كل شيء: فتوتهم، شبابهم، حكمتهم وتجربتهم. أعطونا دمائهم وحياتهم، أملهم وطموحاتهم... ولم يطلبوا مقابل ذلك شيئا. فقط. "شرف الانتساب لصفوف المناضلين".

أعلام إسبانيا ترفرف، احتراما وتقديراً للأبطال. أعلام إسبانيا منكسة، إجلالا للضحايا العظام المقدسين، وهم كثر جدا، جدا...

أيتها الأمهات! يا نساء العالم! عندما يمر الزمن، و تلتئم جراح الحرب. و تعود الذاكرة المضببة من الأيام الدامية. يوم تنتصب الحرية والسلام والرخاء، ويضمحل شعور الغضب والكراهية، ويسود الفخر في ربوع بلاد الحرية وتكون إسبانيا، العزيزة ملك كل الإسبانيين. يومها! آه يومها! اروين لأولادكن حكايات عن بطولات محاربي الكتيبة الأممية. احكوا لأولادكن كيف جاء المحاربون الأمميون من كل بقاع العالم؟ جاءوا من خلف البحار، من فوق الجبال، عبروا حدودا، تغلبوا على الشدائد، مطاردين من كلاب سائبة تتشهى تمزيق أجسادهم. جاءوا إلى بلادنا محاربين من أجل الحرية، جاءوا ليحاربوا ويموتوا من أجل حرية إسبانيا واستقلالها، حيث تهددها الفاشية الإيطالية والنازية الألمانية. جاءوا ليقولوا لنا: نحن هنا. هدفكم- هدف إسبانيا- هو هدفنا، تلك هي رغبة كل البشرية التقدمية.

اليوم تغادرون. لكثير منكم، لآلاف منكم أرض إسبانيا أصبحت مثواهم الأخير ستظل تحتضنهم إلى الأبد. أسماءهم، أفعالهم، ذكراهم تستقر في قلوب الإسبان، يتناقلونها جيل عن جيل.

يا جنود الكتيبة الأممية!

أسباب سياسية، الظروف المستجدة، حفاظا على الهدف السامي، والذي بسببه سكبتم بسخاء دماءكم الطاهرة بلا حدود، تلك الأسباب تعيدكم اليوم. قسم منكم يعود إلى أوطانه وقسم آخر يعود إلى غربة واغتراب وتهجير قسري جديد. يحق لكم أن تفخروا وأن تسيروا مرفوعي الرأس. أنتم التاريخ. أنتم الأسطورة الحية! أنتم مثال البطولة والشجاعة والتضحية من أجل التضامن والديموقراطية الشاملة- أنتم النقيض ممن "تكيفوا مع الظروف" و الاغتناء الفاحش وعبدة القرش وأصحاب أسهم الشركات.

لن ننساكم أبدا... أبدا لن ننساكم.

عندما تزهر أشجار الزيتون ويكلل الغار رؤوس الجمهوريين الإسبان المنتصرين. عودوا إلينا! عودوا إلينا. ولهؤلاء، من ليس لهم وطن سيجدون في إسبانيا وطنا لهم. ومن فرضت عليه الحياة أن يعيش بدون رفاق سيجد فينا خير الرفاق. ولجميعكم سيمنح الشعب الإسباني محبته وشكره وصداقته.

شعب إسبانيا يهتف بصوت واحد: "يعيش أبطال الكتيبة الأممية".

---------------

* البسيونيرة (الأم الرؤوم)، دولريس إبروري: ناشطة سياسية إسبانية، سكرتيرة الحزب الشيوعي الاسباني، وزيرة خارجية الجمهورية الإسبانية.


شهادة دفن علي في المقبرة العسكرية في مدينة البسيط - إسبانيا